الجميلة جمعت بين زوجين

جلست تفكر في حالها وتسترجع ذكرياتها الأليمة وبالرغم من عدم تجاوزها الثلاثين من عمرها إلا أنها تشعر وكأنها عاشت ضعف تلك السنوات فهي لم تنعم بشبابها الذي أهدرته بزواج فاشل انتهي بالطلاق وترك في عنقها ثلاثة أطفال وكيف ان الحال ساقها لتبيع جسدها الجميل لتحصل علي المال بعد ان تركها والد ابنائها دون أن ينفق عليهم لينتهي الأمر إلي القبض عليها وهي في احدي السهرات الحمراء المملوءة بالدخان الأزرق في وضع مخل بالآداب وبذلك حصلت علي لقبين في سن صغيرة للغاية أولهما انها "مطلقة" وثانيهما انها أصبحت فتاة ليل لها سابقة دعارة لن ترحمها ابدا السنة الناس خاصة أنها تقطن في منطقة ريفية.
ضاق صدرها بكل هذا وكان عليها الهروب من القرية التي اشتهرت بها لذا تحينت الفرصة الملائمة وأخذت ابناءها ورحلت إلي بيت شقيقها الأكبر في احدي قري الشرقية حيث نشأتها أصلا.
هناك» بدأت تحس بالراحة أخيرا فالأوضاع ساكنة ولا أحد يعلم عنها شيئا. حازت بسرعة علي كسب ود وثقة الجميع وأيضا بدأ الكل يعاملها علي أنها ذات حظ سييء ولم يكتب لها السعادة في زيجتها الأولي وما ان استقرت أوضاعها المعيشية بعض الشيء حتي تزلزلت أوضاعها العاطفية وأصبحت تؤرق منامها فقد اشتاقت لوجود حب في حياتها فهي حتي الآن لم تقابل فتي أحلامها الوسيم الذي سيخطفها علي حصانه الأبيض ويطوف بها في بلاد الحنان والسعادة وهي ايضا مازالت شابة صغيرة وجميلة تحدق بها كل العيون اينما ذهبت. دائما ما كان شقيقها يذكرها بأن عليها الزواج لأن حملها كبير ففي رقبتها ثلاثة أولاد وعليها أن تحيا في حمي رجل يحميها من عيون الذئاب وألسنة الناس التي تنتظر من المطلقة أي تصرف لكي تشرع في نهش سيرتها وهم في قرية ريفية ولا يمتلكون إلا السمعة.
كانت كلما سمعته وهو يتكلم بتلك الطريقة تصيبها حالة جنون ليس لأنها غير راغبة في الزواج من أجل أولادها مثلما أوهمتهم ولكنها تريد فرصة لتبحث عن أميرها ومرت عليها الأيام ثقيلة إلي أن ظهر الفارس أخيرا. عندما رأته لأول مرة أحبته بشدة وفاضت مشاعرها كلها تجاهه وحاولت أن تلفت نظره أكثر من مرة إليها ولكنها توقفت بعد أن ذكرت نفسها بالفرق الشاسع بين وضعه ووضعها فهي مطلقة ومعها من الأولاد ثلاثة بالرغم من سنها الصغيرة وهو لم يسبق له الزواج من قبل لذا لملمت حسرتها وقررت الابتعاد عن طريقه.
بعد عدة أيام فوجئت به يبحث عنها في كل مكان كالمجنون. يريد رؤيتها بأي طريقة للاستفسار عن سر اختفائها طبعا طارت من الفرحة وتناست كل العقبات وهرعت إليه تبث له كل اشواقها خاصة بعد أن أخبرها بحبه لها وتكررت بينهما اللقاءات حتي طلب منها تحديد موعد لطلب يدها للزواج واكد لها أنه لا يهمه أي شيء من تلك العقبات التي تعتقد فيها.
عندما علم شقيقها ثار عليها واخبرها بأن ذلك "العريس" لا يناسبها ورفض تماما وأصر علي أن يزوجها لأول من يأتي خاصة بعد أن لاحظ عنادها وبالفعل لم يمض كثير من الوقت حتي اتي لها نصيبها حاولت ان ترفض إلا أنها رضخت في نهاية الأمر وتم الزفاف الذي بعده بأسبوع واحد لملمت أشياءها وهجرت بيت زوجها في الظلام مصطحبة أولادها ووجدت نفسها تقف علي باب حبها الذي غضب في بداية الأمر ولكنه وافق علي استضافتها عنده خاصة بعد أن اخبرته ان زوجها قد طلقها.
خلال أيام كان قد سافر إلي أمه لتبارك زواجه ولكنها ثارت عليه واتهمته بالطيش وعندما علمت هي برفض والدته وافقته علي أن يتم زواجهما عرفياً وعاشت معه أحلي شهور عمرها لم يكن ينغص عليها شيء سوي أنها كذبت عليه بشأن طلاقها ورفض امه لها واستمرت حياتهما إلي أن علمت عندما اتصلت بشقيقها لتطمئنه عليها ان زوجها قام بتطليقها فعلاً منذ اسبوع بعد ان نهشت الألسنة سيرته ويئس من رجوعها وطبعاً كان ذلك الخبر بالنسبة لها بمثابة البلسم الحقيقي لجراحها فهي الآن ستعيش في الحلال ويصبح لها زوج واحد فقط وعليها ان تنسي كل اخطاء الماضي.
وتبدأ من تلك اللحظة التي اعتبرتها مولدًا جديدًا لها. ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن مع الساعة الواحدة بعد منتصف الليل من ذلك اليوم فوجئت بزائر لم تكن تتوقعه إنها أم زوجها التي ما إن رأتها حتي ثار جنونها خاصة أنها علمت أنها تزوجته وقامت بطردها إلا أن ابنها وقف أمامها وأخبرها أنها زوجته. حاولت الأم أن تفهمه أنها تكون بذلك قد جمعت بين زوجين وقد عاشت معه في الحرام إلا أنه رفض اعطاءها فرصة وقام هو بطردها هنا لم تجد الأم امامها شيئاً سوي الذهاب لقسم الشرطة وتحرير محضر بالواقعة تم ضبطها وبسؤالها بما جاءت به التحريات اعترفت بأنها عاشرت الزوج الثاني وهي علي ذمة الأول وان كليهما لم يعرف بشيء وطبعا ظهرت سابقتها القديمة التي كانت بالنسبة لزوجها الثاني بمثابة صاعقة. بعد تحقيقات النيابة احيلت إلي محاكمة عاجلة حيث قضت عليها محكمة جنايات الزقازيق بالسجن لمدة عام بتهمة تعدد الأزواج.